مايا الحزوري: الرسائل المزدوجة
March 11, 2022 at 5:51 pm,
No comments
من أخطر ما يمكن أن يحدث في أية علاقة إنسانية هو استقبال رسائل نفسية مزدوجة من الطرف الآخر، بمعنى أن كلامه يقول: أحبك، لكن تصرفاته تقول: لا أرغب بك أو بوجودك، وتزداد الخطورة أكثر وأكثر لو كانت الرسالتين في نفس التوقيت، ومزمنة.
لا يتبادل الإنسان الرسائل عن طريق اللغة الكلامية أو اللفظية فقط، فالكلام لا يوصل سوى سبعة بالمئة من أية رسالة بين طرفين. أما الباقي، فيصل عن طريق تعبيرات الوجه، وتعبيرات الجسد، ونبرة الصوت، ونظرة العين، وحركة اليدين، وطرق أخرى كثيرة.
تخيل لو كانت هذه الرسائل متناقضة ؟ كأن تقول مثلاً "أنا مطمئن" وأنت لا تكف عن هز قدميك وإلتهام أظافرك، أو "أنا حزين" وأنت مبتسم، أو تقول "أنا في أحسن حال" ودموعك على خدك، وامثلة لا حصر لها نراها في حياتنا اليومية والعيادية.
تخيّل تداعيات هذه الرسائل المتناقضة على صحّة الفرد النفسيّة عندما نسمع الوالد مثلاً يقول: لا يهمك يا بنيّ، أدرس على قدر استطاعتك، وافعل ما عليك، ونحن راضون بقضاء الله وقدره، لكنه في نفس الوقت، وبشكل مستتر، يوصل إليه بتصرفاته، ونظرات عينيه، وأحياناً بنبرات صوته: لن نرضى منك غير الدرجة الأولى. أو عندما نسمعها تقول: فلتكبري وتشدي من أزرك، أنا في انتظار يوم عرسك لأفرح بك. لكنها في نفس الوقت ترسل لها رسالة أخرى بكثير من الطرق والوسائل تقول لها فيها: هل يعقل أن تكبري وتتخلي عني؟ أيعقل أن تتزوجي وتتركيني؟
أو أيضاً عندما نسمعه يقول: أنا سعيد جداً بالعمل معك، أو أنا سعيد أنّك استفدت جداً من العمل معي. لكنّه في الوقت نفسه يبثّ فيه روح التهديد والابتزاز يقول من خلالها: إعلَم أنك من دوني ستفشل حتماً، وبأنّك لن تحرز تقدّما لافتاً، تماماً مثل أصدقائك هؤلاء.
تسمّى هذه الرسائل المتناقضة ب ال Double Messages، وثبت علمياً أّنها لو وصلت للأطفال الصغار لفترة معينة من الزمن، فإنها قد تفجرعندهم ليس فقط الإكتآب والقلق بل أيضاً الفصام، وهو من أصعب الأمراض النفسيْة على الإطلاق.
بادر الى تعلّم الطرق الوقائية والدفاعيّة التي تجنّبك التداعيات النفسيّة الناتجة عن الرسائل المتناقضة التي تتعرّض لها يومياً من محيطك.
مايا الحزوري
معالجة نفسية